ثمَّ نحن نبيّن الان ونوضح بعد هذا كلّه أنَّ التشاكل بين الأنبياء والائمّة بيّنٌ واضٌ فيلزمهم أنّهم حجج الله على الخلق كما كانت الأنبياء حججه على العباد ، وفرض طاعتهم لازم كلزوم فرض طاعة الأنبياء ، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ : « أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم » (١) وقوله تعالى : « ولو ردُّوه إلى الرَّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم » (٢) فولاة الامرهم الاوصياء والائمّة بعد الرَّسول صلىاللهعليهوآله وقد قرن الله طاعتهم بطاعة الرَّسول وأوجب على العباد من فرضهم ما أوجبه من فرض الرَّسول كما أوجب على العباد من طاعة الرَّسول ما أوجبه عليهم من طاعته عزَّ وجلَّ في قوله : « أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول » ثمّ قال : « من يطع الرَّسول فقد أطاع الله (٣) » وإذا كانت الائمّة عليهمالسلام حجج الله على من لم يلحق بالرَّسول ولم يشاهده وعلى من خلفه من بعده كما كان الرَّسول حجّة على من لم يشاهده في عصره لزم من طاعة الائمّة ما لزم من طاعة الرَّسول محمّد صلىاللهعليهوآله فقد تشاكلوا واستقام القياس فيهم وإن كان الرَّسول أفضل من الائمّة فقد تشاكلوا في الحجّة والاسم والفعل (٤) والفرض ، إذ كان الله جل ثناؤه قد سمّى الرُّسل أئمّة بقوله لابراهيم : « إنّي جاعلك للنّاس إماماً » (٥) وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى أنَّه قد فضّل الأنبياء والرُّسل بعضهم على بعض فقال تبارك وتعالى : « تلك الرُّسل فضلّنا بعضهم على بعض منهم من كلّم الله ـ الآية » (٦) وقال : « ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ـ الآية » (٧) فتشاكل الأنبياء في النبوَّة وإن كان بعضهم أفضل من بعض ، وكذلك تشاكل الأنبياء والاوصياء ، فمن قاس حال الائمّة بحال الأنبياء واستشهد بفعل الأنبياء على فعل الائمّة فقد أصاب في قياسه واستقام له استشهاده بالّذي وصفناه من تشاكل الأنبياء والاوصياء عليهمالسلام.
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) النساء : ٨٣.
(٣) النساء : ٨٠.
(٤) في بعض النسخ « والعقل ».
(٥) البقرة : ١١٩.
(٦) البقره : ٢٥٤.
(٧) الاسراء : ٥٦.