الموت جعله في تميمة (١) وعلقه إسحاق ، وعلّقه إسحاق على يعقوب ، فلمّا ولد ليعقوب يوسف علّقه عليه ، وكان في عضده حتّى كان من أمره ماكان ، فلمّا أخرج يوسف القميص من التميمة ، وجد يعقوب ريحه ، وهو قوله : إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون » (٢) فهو ذلك القميص الّذي انزل من الجنّة ، قال : قلت : جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص؟ قال : إلى أهله ثمّ قال : كلُّ نبيٍّ ورث علما أو غيره فقد انتهي إلى ]آل[ محمّد صلىاللهعليهوآله .
فروي « أنَّ القائم عليهالسلام إذا خرج يكون عليه قميص يوسف ، ومعه عصا موسى ، وخاتم سليمان عليهمالسلام ».
والدَّليل على أنَّ يعقوب عليهالسلام علم بحياة يوسف عليهالسلام وأنّه إنّما غيّب عنه لبلوي واختبار : أنَّه لمّا رجع إليه بنوه يبكون قال لهم : يا بني لم تبكون وتدعون بالويل؟ ومالي ما أري فيكم حبيبي يوسف؟ « قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذِّئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين » (٣) هذا قميصه قد أتيناك به ، قال : ألقوه إلىَّ ، فألقوه إليه وألقاه على وجهه فخرَّ مغشيّاً عليه ، فما أفاق قال لهم : يا بنىَّ ألستم تزعمون أنَّ الذئب قد أكل حبيبي يوسف؟ قالوا : نعم ، قال : مالي لا أشمُّ ريح لحمه؟! ومالي أري قميصه صحيحا؟ هبوا أنَّ القميص (٤) انكشف من أسفله أرأيتم ماكان في منكبيه وعنقه كيف خلص إليه الذِّئب من غير أن يخرقه ، إنَّ هذا الذِّئب لمكذوب عليه ، وإنَّ ابني لمظلوم « بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون » وتولّى عنهم ليلتهم تلك لا يكلّمهم وأقبل يرثي يوسف ويقول : حبيبي يوسف الّذى اوثره جميع أولادي فاختلس منّى حبيبي يوسف
__________________
(١) التميمة : الخرزة الّتي تعلق على الانسان وغيره من الحيوانات ، ويقال لكل عوذة تعلق عليه.
(٢) يوسف : ٩٥ والتفنيد : النسبة إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من الهرم.
(٣) يوسف : ١٨
(٤) أي احسبوا. تتقول : هب زيدا منطلقا بمعنى احسب ، يتعدي إلى مفعولين ولا يستعمل منه ماض ولا مستقبل في هذا المعنى (الصحاح).