ولا جدِّي عبد المطلّب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطُّ ، قيل له : فما كانوا يعبدون؟ قال : كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم عليهالسلام متمسّكين به.
٣٣ ـ حدّثنا عليُّ بن أحمد رضياللهعنه قال : حدّثنا أحمد بن يحيى قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد قال : حدّثنا أبي ، عن سعيد بن مسلم ، عن قمار مولى لبني مخزوم ، عن سعيد بن أبي صالح ، عن أبيه (١) ، عن ابن عبّاس قال : سمعت أبي العبّاس يحدّث قال : ولد لابي عبد المطلّب عبد الله فرأينا في وجهه نوراً يزهر كنور الشمس ، فقال أبي : أنَّ لهذا الغلام شأناً عظيماً ، قال : فرأيت في منامي أنَّه خرج من منخره طائر أبيض فطار فبلغ المشرق والمغرب ثمّ رجع راجعاً حتّى سقط على بيت الكعبة ، فسجدت له قريش كلّها ، فبينما النّاس يتأمّلونه إذا صار نوراً بين السّماء والارض وامتدَّ حتّى بلغ المشرق والمغرب ، فلمّا انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم فقالت لي : يا عباس لئن صدقت رؤياك ليخرجنَّ من صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعاً له ، قال أبي : فهّمني أمر عبد الله إلى أن تزوَّج بآمنة وكانت من أجمل نساء قريش وأتّمها خَلقاً فلمّا مات عبد الله ولدت آمنة رسول الله صلىاللهعليهوآله أتيت فرأيت النور بين عينيه يزهر فحملته وتفرَّست في وجهه فوجدت منه ريح المسك ، وصرت كأنّي قطعة مسك من شدَّة ريحي ، فحدَّثتني آمنة وقالت لي : إنَّه لمّا أخذتي الطلق واشتدَّ بي الأمر سمعت جلبة (٢) وكلاماً لا يشبه كلام الادميّين ، فرأيت علماً من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السّماء والارض ، ورأيت نوراً يسطع من رأسه حتّى بلغ السّماء ، ورأيت قصور الشامات كلّها شعلة نور (٣) ، ورأيت حولي من القطاة أمراً عظيماً قد نشرت من أجنحتها حولي ورأيت تابع شعيرة الاسديّة قد مرَّت وهي تقول : آمنة ما لقيت الكهان والأصنام من ولدك ، ورأيت رجلاً شابّاً من أتمّ النّاس طولاً وأشدهم بياضاً
__________________
(١) أبو صالح الّذي يروي عن ابن عباس اسمه ميزان بصري وثقه ابن معين لكن لم أظفر على سعيد في كتب الرجال وكذا راويه قمار أو قصارو السند كما تري عامى مجهول مقطوع.
(٢) الجلبة : اختلاط الاصوات.
(٣) في بعض النسخ « شعلة نار ».