كانت قد زالت فهو قيام الساعة وإن كانت هذه ثابته فهو لامر قد حدث.
وأبصرت الشياطين ذلك فاجتمعوا إلى إبليس فأخبروه أنّهم قد منعوا من السّماء ورموا بالشهب ، فقال : اطلبوا فإنَّ أمراً قد حدث ، فجالوا في الدُّنيا ورجعوا وقالوا : لم نر شيئاً ، فقال : أنا لهذا ، فخرق ما بين المشرق والمغرب فلمّا انتهى إلى الحرم وجد الحرم محفوفاً بالملائكة ، فلمّا أراد أن يدخل صاح به جبرئيل عليهالسلام فقال : اخسأ يا ملعون ، فجاء من قبل حراء فصار مثل الصرد قال : يا جبرئيل ما هذا؟ قال : هذا نبيٌّ قد ولد وهو خير الأنبياء ، قال : هل لي فيه نصيب؟ قال : لا ، قال : ففي أمّته؟ قال : بلى ، قال : قد رضيت.
قال : وكان بمكة يهوديٌّ يقال له : يوسف فلمّا رأى النجوم يقذف بها وتتحرَّك قال : هذا نبيٌّ قد ولد في هذه اللّيلة وهو الّذي نجده في كتبنا أنَّه إذا ولد ـ وهو آخر الأنبياء ـ رجمت الشياطين وحجبوا عن السّماء ، فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال : يا معشر قريش هل ولد فيكم اللّيلة مولود؟ قالوا : لا قال : أخطأتم والتوراة ولد إذاً بفلسطين وهو آخر الأنبياء وأفضلهم ، فتفرَّق القوم فلمّا رجعوا إلى منازلهم أخبر كلُّ رجل منهم أهله بما قال اليهوديُّ فقالوا : لقد ولد لعبد الله بن عبد المطلّب ابن في هذه الليلة ، فأخبروا بذلك يوسف اليهوديَّ فقال لهم : قبل أن أسألكم أو بعده؟ قالوا : قبل ذلك ، قال : فاعرضوه عليَّ ، فمشوا إلى باب آمنة فقالوا : اخرجي ابنك ينظر إليه هذا اليهوديُّ ، فأخرجته في قماطه فنظر في عينيه ، وكشف عن كتفيه فرأى شامة سوداء بين كتفيه وعليها شعرات ، فلمّا نظر إليه وقع على الأرض مغشيّاً عليه ، فتعجب منه قريش وضحكوا منه فقال : أتضحكون يا معشر قريش ، هذا نبيُّ السيف ليبيرنّكم (١) وقد ذهبت النبوَّة من بني إسرائيل إلى آخر الابد ، وتفرق النّاس ويتحدَّثون بخبر اليهوديِّ ونشأ رسول الله صلىاللهعليهوآله في اليوم كما ينشأ غيره في الجمعة وينشأ في الجمعة كما ينشأ غيره في الشهر.
__________________
(١) أي ليهلكنكم. وفي بعض النسخ « ليتبرنكم ».