قد ذكرنا بعضها في كتابنا هذا.
قال أبو محمّد العلويَّ [ رضياللهعنه ] : فحدَّثنا هذا الشيخ أعني علىُّ بن عثمان المغربي ببدء خروجه من بلدة حضر موت ، وذكر أنَّ أباه خرج هو وعمّه محمّد وخرجا به معهما يريدون الحج وزيارة النبيِّ صلىاللهعليهوآله فخرجوا من بلادهم من حضر موت وساروا أيّاماً ، ثمّ أخطأوا الطريق وتاهوا في المحجّة فأقاموا تائهين ثلاثة أيّام وثلاث ليال علي غير محجّة فبينا هم كذلك إذا وقعوا على جبال رمل يقال لها : رمل عالج ، متّصل برمل إرم ذات العماد.
قال : فبينما نحن كذلك إذا نظرنا إلى أثر قدم طويل فجعلنا نسير على أثرها ، فأشرفنا على واد وإذا برجلين قاعدين على بئر أو على عين ، قال : فلمّا نظرا إلينا قام أحدهما فأخذ دلواً فأدلاه فاستقى فيه من تلك العين أو البئر ، واستقبلنا وجاء إلى أبي فناوله الدَّلو فقال أبي : قد أمسينا ننيخ (١) على هذا الماء ونفطر إن شاء الله ، فصار إلى عمّي وقال له : اشرب فردَّ عليه كما ردَّ عليه أبي ، فناولني وقال لي : اشرب فشربت فقال لي : هنيئاً لك إنّك ستلقى عليَّ بن أبي طالب عليهالسلام فأخبره أيّها الغلام بخبرنا وقل له : الخضر وإلياس يقرئانك السلام ، وستعمر حتّى تلقى المهدي وعيسى بن مريم عليهماالسلام فإذا لقيتهما فأقرئهما منا السلام ، ثمّ قالا : ما يكونان هذان منك؟ فقلت : أبي وعمّي ، فقالا : أمّا عمّك فلا يبلغ مكّة ، وأمّا أنت وأبوك فستبلغان ويموت أبوك وتعمر أنت ولستم تلحقون النبيّ صلىاللهعليهوآله لأنّه قد قرب أجله.
ثمّ مرّا فو الله ما أدري أين مرَّا في السّماء أو في الأرض فنظرنا فإذا لا بئر ولا عين ولا ماء ، فسرنا متعجّبين من ذلك إلى أن رجعنا إلى نجران فاعتلَّ عمّي ومات بها وأتممت أنا وأبي حجّنا ووصلنا إلى المدينة فاعتل أبي ومات ، وأوصى بي إلى عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام فأخذني وكنت معه أيّام أبي بكر وعمر وعثمان وأيّام خلافته حتي قتله ابن ملجم لعنه الله.
__________________
(١) أناخ الجمل : أبركه.