وكانت القلعة منذ أقدم عصورها قائمة فى المكان نفسه الذى توجد فيه الآن شرقى الموضع الذى يسمى ـ كما كان فى عهد السامانيين ـ «ريكستان» (Rigstan) ، ويبلغ محيط القلعة اليوم نحو كيلومتر ونصف ، وتبلغ مساحتها ثلاثة وعشرين فدانا (١). وكان قصر «بخار خدا» يوجد داخل القلعة ، وكان قائما على سبعة أعمدة من الحجارة تمثل الصورة الفلكية لبنات نعش ، وعند مدخله لوحة من الحجر كتب عليها اسم بانيه. وكان شائعا بين الناس أنه ما من أمير فر من ذلك القصر أمام خصمه أو مات فيه قط ، وإنما نزلت المنية بالأمراء جميعا خارج هذا القصر. وكانت القلعة خارج المدينة ويفصلها عنها فضاء مكشوف شرقى القلعة أقيم فيه المسجد الجامع منذ القرن الثانى للهجرة (الثامن الميلادى) وظل به إلى القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) ، أما المدينة أو الشهرستان فقد أمدنا النرشخى (فى هذا الكتاب) بمعلومات دقيقة عنها جعلت من الممكن دون شك أن يعين ما يقابل الشوارع التى ذكرها من شوارع المدينة الحالية.
وقد حدث فى العصر الإسلامى أن أصبحت المدينة أو الشهرستان وضواحيها يحيط بها سور عام ، ويقول النرشخى إن هذا حدث ابتداء من سنة ٢٣٥ ه. (٨٤٩ ـ ٨٥٠ م). وفى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) كان يوجد إلى جانب السور القديم سور جديد أوسع منه دائرة وكان لكل من السورين أحد عشر بابا ، وضع العرب لكل منها اسما مثل باب سمرقند الذى ما يزال محتفظا باسمه إلى اليوم فى الجانب الشمالى ، وقد أحصى الإصطخرى أبواب السورين حسب الترتيب الدقيق الذى كانت عليه مثل :
باب الميدان فى الجنوب الغربى ويسمى اليوم «قره كول» (Karakul) ودرب إبرهيم أو باب إبرهيم ويسمى حاليّا باب الشيخ جدال ، وهو شرقى الباب الأول مباشرة وهما فى السور الخارجى ، ثم عاد فذكر الأبواب الداخلية فبدأ بباب سمرقند
__________________
(١) هكذا وردت فى دائرة المعارف الإسلامية ، وهذه الوحدة المساحية غير معروفة فى تلك البلاد ، والوحدة المساحية المستعملة فى الأراضى الزراعية اليوم بإيران وأفغانستان «جريب».