غزوة حمراء الأسد عقب غزوة أحد ، بالرغم مما كانوا عليه من جراح وآلام أصابتهم يوم أحد ، فلهم أجر عظيم يتناسب مع جهادهم وشجاعتهم.
وأشار بقوله : (مِنْهُمْ) إلى أن من استجاب حظي بهذا الفضل والأجر ، وأما الباقون فكانت لهم موانع وأعذار في أنفسهم أو أهليهم.
ثم أشاد تعالى أيضا بمن شارك في غزوة بدر الصغرى في العام المقبل بعد أحد ، بالرغم مما قال لهم الناس : أي نعيم بن مسعود الأشجعي الذي كان ما يزال مشركا : إن الناس أي أبا سفيان وأعوانه جمعوا لكم الجموع لقتالكم ، فاخشوهم وخافوهم ، ولا تخرجوا إليهم.
فزادهم هذا القول إيمانا بالله وثقة بوعده ، وثباتا على دينه ، إذ إنهم خافوه ، ولم يخافوا تلك الجموع ، واعتمدوا على تأييد الله وعونه ونصره ، بعد أن صدقت نياتهم ، واشتدت عزائمهم للقاء المشركين مهما كانت النتائج ، وذلك مثل قوله تعالى في وصف المؤمنين في غزوة الخندق (الأحزاب) : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا : هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) [الأحزاب ٣٣ / ٢٢].
وقالوا معبّرين عن صدق إيمانهم بالله : الله كافينا ما يهمنا من أمر الجموع ، ونعم الوكيل الذي فوضنا أمورنا إليه ، نعم المولى ونعم النصير. وهي الكلمة التي قالها إبراهيمعليهالسلام حين ألقي في النار (١) ، وقالها محمد صلىاللهعليهوسلم حين قال أحد الناس : إن الناس (المشركين) قد جمعوا لكم فاخشوهم. ويستحب قولها عند الغم والمصيبة وإحاطة الداهية.
__________________
(١) روى البخاري عن ابن عباس قال : «كان آخر قول إبراهيم عليهالسلام حين ألقي في النار : حسبنا الله ونعم الوكيل».