أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا وقعتم في الأمر العظيم ، فقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل» (١).
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضياللهعنها : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا اشتد غمّه ، مسح بيده على رأسه ولحيته ، ثم تنفس الصّعداء ، وقال : حسبي الله ونعم الوكيل».
ولما فوضوا أمورهم إلى الله واتكلوا عليه ، عادوا بأربعة جزاءات : النعمة من الله ، والفضل ، وصرف السوء ، واتباع ما يرضي الله فرضي عنهم ، أي لما توكلوا على الله وخرجوا للقاء عدوهم ، كفاهم ما أهمهم ، ورد عنهم بأس من أراد كيدهم ، وربحوا في تجارتهم ، ولم يصبهم قتل ولا أذى ، واتصفوا بطاعة رسولهم ورضا ربهم الذي هو أساس النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة ، والله صاحب الفضل العظيم عليهم إذ تفضل عليهم بزيادة الإيمان ، والتوفيق إلى الجهاد ، والحفظ من السوء الذي يضمره لهم عدوهم.
وفي هذا إشارة إلى خسارة القاعدين المتخلفين ؛ إذ حرموا ما حظي به غيرهم ، وهو معنى قوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ).
روى البيهقي عن ابن عباس في قول الله : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) قال : «النعمة : أنهم سلموا ، والفضل : أن عيرا مرت في أيام الموسم ، فاشتراها رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فربح فيها مالا ، فقسمه بين أصحابه».
وأخرج الطبري عن السدي قال : «أعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين خرج في بدر الصغرى أصحابه دراهم ، ابتاعوا بها في الموسم ، فأصابوا ربحا كثيرا».
ثم قال تعالى : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) أي يخوفكم أولياءه ،
__________________
(١) هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وله مؤيدات كثيرة (انظر تفسير ابن كثير : ١ / ٤٣٠).