ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة ، فليس القول الذي قيل لكم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) إلا من الشيطان الذي يخوفكم أنصاره المشركين ، ويوهمكم أنهم ذوو عدد كثير وأولو قوة وبأس شديد ، فلا تخرجوا إليهم.
ولكن عليكم أيها المؤمنون إذا سول لكم الشيطان أمرا وأوهمكم ، فتوكلوا علي ، والجؤوا إلي ، فإني كافيكم وناصركم ، كما قال تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ، وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) إلى قوله : (قُلْ : حَسْبِيَ اللهُ ، عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [الزمر ٣٩ / ٣٦ ـ ٣٨] وقال : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ، إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة ٥٨ / ٢١] وقال : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) [الحج ٢٢ / ٤٠] وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٧] وقال أيضا : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر ٤٠ / ٥١ ـ ٥٢].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت آية الشهداء : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا ..) وما بعدها على ما يأتي :
١ ـ إن من لم ينهزم أمام العدو ، وصبر وثبت ، وقاتل حتى قتل ، له منزلة عالية عند الله ، وهي منزلة الشهداء ، وهي الكرامة والحياة عند الله. فهم أحياء في الجنة يرزقون ، وأرواحهم حيّة كأرواح سائر المؤمنين ، وإن ماتوا ودفنت أجسادهم في التراب. وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل ، حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم.
والذي عليه معظم المفسرين أن حياة الشهداء محققة ، ولكنها من نوع خاص ، فإما أن ترد إليهم أرواحهم في قبورهم فينعّمون ، وإما أنهم يرزقون من