والتعبير بكلمة (ناراً) عند جمهور المفسرين على طريق المجاز المرسل ، من قبيل ذكر المسبب وإرادة السبب ؛ لأن الإشارة في الآية إلى أكل واحد.
وظاهر الآية أن الحكم عام لكل من يأكل ما اليتيم ، سواء أكان مؤمنا أم كافرا. وإذا قيل بأن الآية نزلت في أهل الشرك فخصوص السبب لا يخصص ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وورد في بعض الأخبار أنه لما نزلت هذه الآية ، تحرّز الناس من مخالطة اليتامى ، حتى شق ذلك على اليتامى أنفسهم ، فأنزل الله تعالى : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة ٢ / ٢٢٠].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآية : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) على ما يأتي :
١ ـ قال المالكية : في هذه الآية فوائد ثلاث :
إحداها ـ بيان علّة الميراث وهي القرابة.
الثانية ـ عموم القرابة كيفما تصرّفت من قريب أو بعيد.
الثالثة ـ إجمال النصيب المفروض ، وذلك مبين في آية المواريث ؛ فكان في هذه الآية توطئة للحكم ، وإبطال لذلك الرأي الفاسد حتى وقع البيان الشافي (١).
٢ ـ إثبات الحق المقرر في الميراث لكلّ من الرّجال والنّساء ، إبطالا لعادة أهل الجاهلية الذين كانوا يورثون الرّجال ، ويحرمون النساء والصغار ، فالمراد من الرّجال في الآية : الذكور البالغون ، والمقصود من الوالدين : الأب والأم بلا واسطة ، ومن النساء : الإناث البالغات. ويكون معنى الآية : للذكور
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٥ / ٤٦