البالغين نصيب مما ترك آباؤهم وأمهاتهم وأقاربهم كإخوتهم وأخواتهم وأعمامهم وعماتهم ، وللإناث البالغات كذلك نصيب مما ترك آباؤهن. فالإرث مشترك بين الرّجال والنّساء. وهذا القول فيه إبقاء للآية على ظاهرها ، ويكون القصد من الآية إلغاء عادة الجاهلية.
والتّنصيص على النساء اعتناء بشأنهن ، وتقرير لأصالتهن في استحقاق الإرث ، ومبالغة في إبطال حكم الجاهلية بتخصيص الإرث في الرّجال لأنهم المحاربون الغازون.
وعمم بعض العلماء الحكم في الرّجال والنّساء ، فجعل المراد من الرّجال : الذّكور مطلقا ، سواء أكانوا كبارا أم صغارا ، والمراد من النساء : الإناث مطلقا ، ويكون المراد التّسوية بين الذّكور والإناث في أن لكلّ منهما حقّا فيما ترك الوالدان والأقربون. وهذا ما أميل إليه.
٣ ـ تدلّ الآية للحنفيّة القائلين بتوريث ذوي الأرحام ؛ لأن العمات والخالات وأولاد البنات من الأقربين ، فوجب إثبات حق الإرث لهم المقرر بقوله تعالى : (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ).
٤ ـ حق الإرث ثابت في قليل التركة وكثيرها ، وهو حق مشاع لجميع الورثة ، لا يختص بعضهم بشيء من الأموال كالسيف والخاتم والمصحف واللباس البدني.
ودلّ قوله تعالى أيضا : (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ) على إثبات حق الإرث للبنات ، وأما مقدار الحق ، فأبانته آيات المواريث الأخرى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) [النساء ٤ / ١١]. ولما نزلت آية : (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ) أرسل النّبي صلىاللهعليهوسلم إلى سويد وعرفجة ألا يفرّقا من مال أوس شيئا ؛ فإن الله جعل لبناته نصيبا ، ولم يبيّن كم هو ، حتى أنظر ما ينزل ربّنا. فنزلت : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ..)