عن رجل له جاريتان أرضعت إحداهما بنتا والأخرى غلاما ، أيحل للغلام أن يتزوج الجارية؟ قال : لا ، اللقاح واحد».
وظاهر الآية أن قليل الرضاع ككثيره ، وهو رأي الحنفية والمالكية. وذهب جماعة إلى أن التحريم إنما يثبت بثلاث رضعات فأكثر ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم وغيره قال : «لا تحرّم المصّة والمصّتان ولا الإملاجة والإملاجتان». وهو مروي عن الإمام أحمد.
وذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد إلى أن التحريم لا يثبت بأقل من خمس رضعات ؛ لما رواه مالك وغيره عن عائشة قالت : كان فيما أنزل الله من القرآن عشر رضعات معلومات ، فنسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهن مما يقرأ من القرآن.
ورد الحنفية على الحديث بأنه لا يجوز تخصيص آية التحريم هذه بخبر الواحد ؛ لأنها محكمة ظاهرة المعنى ، بينة المراد. وأخرج أبو بكر الرازي عن طاوس عن ابن عباس أنه سئل عن الرضاع فقال : إن الناس يقولون : لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ، قال : قد كان ذاك ، أما اليوم فالرضعة الواحدة تحرم.
ولا يحرم الرضاع إلا في سن الصغر وهو ضمن الحولين ؛ لقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) وروى الدارقطني عن ابن عباس قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا رضاع إلا ما كان في الحولين».
وهل لبن الفحل يحرّم أو لا؟ كأن يتزوج رجل امرأتين ، فتلد منه ، وترضع إحداهما صبية ، والأخرى غلاما ، فمن ذهب إلى أن لبن الفحل يحرم وهو مذهب أكثر الأئمة ، حرم الصبية على الغلام ؛ لأنهما أخوان من الرضاع لأب. وهذا هو المنصوص عليه ، لما ثبت في البخاري عن عائشة : أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن على عائشة بعد أن نزل الحجاب ، فقالت عائشة : والله