هذا التحريم لا يشمل ما قد سلف قبل التحريم ، فما مضى لا مؤاخذة فيه.
إن الله كان وما يزال غفورا رحيما يغفر لكم ما قد سلف من آثار أعمالكم السيئة ، ويغفر لكم ذنوبكم بالتوبة والإنابة ، ويرحمكم بتشريع أحكام الزواج التي فيها الخير والمصلحة لكم وتوثيق الروابط بينكم.
فقه الحياة أو الأحكام :
وضح في أثناء التفسير كثير من الأحكام الشرعية ، وأوجزها هنا مع الإشارة إلى أحكام أخرى.
دلت الآية : (وَلا تَنْكِحُوا) على تحريم منكوحة الأب أو الجد ، إلا ما قد سلف ، والاستثناء منقطع ، أي لكن ما قد سلف فاجتنبوه ودعوه ولا إثم فيه ، فهو كما وصف سبحانه : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) وهو دليل على أنه فعل في غاية من القبح ، لذا سماه العرب نكاح المقت : وهو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها. ويقال للولد إذا ولدته : المقتيّ. وأصل المقت : البغض.
واختلف العلماء فيمن زنى بها الأب ، أتحرم على ولده كما حرمت عليه زوجته ، أم لا تحرم ، فيكون الوطء الحرام غير ناشر للحرمة كالوطء الحلال. واختلفوا في الزنى بأم الزوجة ، أيحرم الزوجة أم لا يحرمها؟
ذهب إلى الرأي الأول الحنفية والأوزاعي والثوري ومالك في رواية ابن القاسم عنه ، وذهب إلى الثاني الليث والشافعي ومالك في رواية الموطأ عنه ، وهو الراجح لدى المالكية.
وسبب الخلاف : الاشتراك في لفظ النكاح ، فهو يطلق على الوطء وعلى العقد ، فمن قال : إن المراد به في الآية الوطء ، حرم من وطئت ولو بزنا. ومن