المفردات اللغوية :
(مِنْكُمْ) من للتبعيض ؛ لأن ما ذكر فرض كفاية ، لا يلزم كلّ الأمّة ، ولا يليق بكلّ أحد كالجاهل. (أُمَّةٌ) جماعة تربطهم رابطة معينة تجمعهم. (إِلَى الْخَيْرِ) ما فيه المنفعة وصلاح الناس في الدين والدنيا. (بِالْمَعْرُوفِ) ما استحسنه الشرع والعقل. (الْمُنْكَرِ) ما استقبحه الشرع والعقل. (الْمُفْلِحُونَ) الفائزون. (تَبْيَضُ) تشرق وتسرّ. (وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) تكتئب وتحزن ، وذلك يوم القيامة. (بِالْحَقِ) أي بالأمر الذي له ثبوت وتحقق ولا شبهة فيه. (ظُلْماً) الظّلم : وضع الشيء في غير موضعه ، إما بالنّقص أو الزّيادة أو بالتعديل في وقته أو مكانه.
المناسبة :
هذه الآيات كالشّرح لقوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) فشرح الاعتصام بحبل الله بقوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) وشرح (وَلا تَفَرَّقُوا) بقوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا)(١). أمرنا تعالى بالاعتصام بالقرآن والتّمسك بالدّين ، ونهانا عن التّفرّق والاختلاف ، ثمّ بيّن لنا سبيل الاعتصام بالدّعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، فهذه تذكّر بالله وباليوم الآخر ، وترشد إلى الإسلام ، وتعصم من الزّيغ والانحراف ، بقصد الحفاظ على وحدة الأمة ، وترشد أبنائها ، وتكثير سوادها بالأتباع الذين يؤمنون بدعوة الإسلام ، وتضامن الأفراد في كلّ ما هو حضاري يؤدّي إلى القوة والتقدّم والسّمو ، روى مسلم وأحمد حديثا معروفا عن النّعمان بن بشير هو : «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر السجد بالحمّى والسّهر».
وروى البخاري ومسلم والتّرمذي والنّسائي عن أبي موسى الأشعري : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا».
__________________
(١) البحر المحيط : ٣ / ٢١