الحق والدعوة إلى الخير ، وهي أيضا ترغيب لهم في المحافظة على مزيتهم باتباع الأوامر وترك النواهي ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله ، وأعقب ذلك بمقارنتهم بحال أهل الكتاب وبيان سبب إلحاق صفة الذل بهم والغضب عليهم.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن الأمة الإسلامية بأنها خير الأمم في الوجود الآن ، ما دامت تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتؤمن بالله إيمانا صحيحا صادقا كاملا. وإنما قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان ؛ لأنهما أدل على بيان فضل المسلمين على غيرهم ، ولأن الإيمان يدعيه غيرهم ، وتظل الخيرية والفضيلة لهذه الأمة ما دامت تؤمن بالله حق الإيمان وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
وأما الأمم الأخرى فقد غلب عليهم تشوية حقيقة الإيمان ، وشاع فيهم الشر والفساد ، فلا يؤمنون إيمانا صحيحا ، ولا يأمرون بمعروف ، ولا ينهون عن منكر.
والإيمان المطلوب : هو الموصوف بقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ، وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات ٤٩ / ١٥] وقوله أيضا : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ ، زادَتْهُمْ إِيماناً ، وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال ٨ / ٢].
وفي قوله : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) جعل الإيمان بكل ما يجب الإيمان به إيمانا بالله ؛ لأن من آمن ببعض ما يجب الإيمان به من رسول أو كتاب أو بعث أو حساب أو عقاب أو ثواب أو غير ذلك ، لم يعتد بإيمانه ، فكأنه غير مؤمن بالله ، كما قال تعالى : (وَيَقُولُونَ : نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ ، وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ