عن بني إسرائيل : (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء ٤ / ٤٦] ، وتارة يعبر بالكثير ، كما في قوله عن النصارى واليهود : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) [المائدة ٥ / ٦٦].
ويكثر الفسق عادة بعد طول الأمد على ظهور الدين ، كما قال تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ، وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ، وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ ، فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ ، فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) [الحديد ٥٧ / ١٦].
ثم أخبر الله تعالى عباده المؤمنين وبشرهم أن النصر والظفر لهم على أهل الكتاب ، فذكر أن هؤلاء الكافرين الفاسقين لن يلحقوا بكم إلا ضررا بسيطا كالسب والهجاء والتوعد باللسان ومحاولة الصد عن دين الله ، والطعن في الدين ، وإلقاء الشبهات ، وتحريف النصوص ، والطعن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، كما يفعل المبشرون اليوم.
وإن يقاتلوكم ينهزموا أمامكم ، ولا ينصرون عليكم أبدا ما داموا على فسقهم ، ودمتم على خيريتكم بالحفاظ على الأصول الثلاثة ، وقد تحققت لسلف أمتنا هذه البشارات الثلاث من أخبار الغيب ، فانهزم يهود بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ، ويهود خيبر.
وتحقق مثل هذه الانتصارات مرهون بنصر دين الله ، كما قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ ، وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٧] وبالحفاظ أيضا على الأصول الثلاثة المذكورة هنا وفي آيات أخرى مثل قوله تعالى في وصف المؤمنين المجاهدين : (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) [التوبة ٩ / ١١٢].
والخلاصة : إن النصر ليس هبة تمنح كما يتوقع بعض المخدوعين ، وإنما هو