مشروط بالإتيان بمقومات دينية أساسية ، فما دمنا نأمر بالمعروف ، وننهى عن المنكر ، ونؤمن بالله إيمانا صحيحا ، تحقق لنا النصر والسيادة والعزة ، وما داموا هم فاسقين خارجين عن حدود الله والطاعة والإيمان ، ظلوا أذلة مقهورين.
والله تعالى ألصق بهم الذل والهوان أبدا أينما كانوا ، لا ينعمون بأمن ولا استقرار ، إلا بعهدين : عهد الله وعهد الناس. أما عهد الله فهو ما قررته الشريعة لهم من الأمان وتحريم الإيذاء والمساواة في الحقوق والقضاء إذا تم لهم عقد الذمة وفرض الجزية وإلزامهم أحكام الملة.
وأما عهد الناس : فهو ما يصدر لهم من الأمان كالمهادن والمعاهد والأسير إذا أمنه أحد المسلمين ولو امرأة ، وكذا التاجر الذي يتعامل معه في داخل البلاد أو على الحدود الخارجية ، لتبادل المنافع والصنائع والتجارات. ومثل ذلك ما نجده من الحماية الثابتة لليهود في فلسطين ، سواء من أمريكا وأوربا وروسيا وغيرها من الدول الكبرى.
والله تعالى أيضا ألزمهم غضبا منه فالتزموه ، واستوجبوه واستحقوه ، وأحاط بهم المسكنة والصغار إحاطة المكان بما فيه ، فهم تابعون أذلاء لغيرهم ، دائمون في الذل والحاجة والتبعة لغيرهم ، متفرقون في أقطار الأرض على قلتهم ، وسيظلون كذلك بالرغم من محاولاتهم المستميتة في التجمع والاستيطان والاستقرار في الأراضي المحتلة بفلسطين ، وبالرغم من غناهم واعتمادهم على جمع المال والسيطرة على اقتصاديات العالم.
ثم بيّن تعالى سبب كل ذلك وعلته من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بسخط الله عليهم : وهو كفرهم بآيات الله ، وقتلهم الأنبياء بغير حق تعطيهم إياه شريعتهم ، وبدافع من الكبر والبغي والحسد ، مع اعتقادهم أنهم على غير حق فيما