يرتكبونه من جريمة قتل أناس يقولون : ربنا الله. وفي هذا غاية التشنيع عليهم ، والتوبيخ لهم.
وما جرأهم على ذلك ، وما حملهم على الكفر بآيات الله وقتل رسل الله ، إلا كثرة المعاصي لأوامر الله ، والانغماس الدائم في المعصية ، والاعتداء على شرع الله وحدوده ، فمن اعتاد العصيان ، وانتهك حرمات الله ، هان عليه كل شيء حرام ومنكر في الحياة.
والتشنيع على اليهود المعاصرين للنبي صلىاللهعليهوسلم وتوجيه اللوم لهم على الكفر وقتل الأنبياء ، مع أنه صدر من أسلافهم ، إنما كان لأنهم منتسبون إليهم ، متكافلون متعاطفون معهم ، راضون بأفعالهم ، سائرون على منهجهم ، فإنهم حاولوا أيضا قتل النبي صلىاللهعليهوسلم مرارا.
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآيات وصف فريقين أو أمتين من الناس ، وأبانت سبب الاتصاف ، وقارنت بينهما ، على أساس دقيق من التعادل والحق.
فالأمة الإسلامية خير الأمم بسبب إيمانها الصحيح التام بكل ما أمر به الله ، وبقيامها بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتظل الخيرية والفضيلة لها على الشرائط المذكورة ، والتزامها الأصول الثلاثة.
وإذا ثبت بنص التنزيل أن هذه الأمة خير الأمم ، فإن السنة النبوية أوضحت أن أول هذه الأمة أفضل ممن بعدهم ، بقوله صلىاللهعليهوسلم : «خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم» (١) وهذا مذهب معظم العلماء ، فمن صحب النبي صلىاللهعليهوسلم ورآه ولو مرة في عمره مؤمنا به ، فهو أفضل ممن يأتي بعده.
وفضل قرن النبي صلىاللهعليهوسلم لأنهم كانوا غرباء في إيمانهم ، قليلون في عددهم ، مع
__________________
(١) أخرجه أحمد والشيخان والترمذي عن ابن مسعود.