الآيات ، وثاب نفر من المسلمين رماة ، فصعدوا الجبل ، ورموا خيل المشركين حتى هزموهم ، فذلك قوله : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(١).
سبب نزول أوّل الآية : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) : قال راشد بن سعد : لما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم كئيبا حزينا يوم أحد ، جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها مقتولين ، وهي تلدم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أهكذا يفعل برسولك؟ فأنزل الله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) الآية (٢).
نزول آخر الآية (١٤٠):
(وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ) : أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أبطأ على النّساء الخبر ، خرجن ليستخبرن ، فإذا رجلان مقبلان على بعير ، فقالت امرأة : ما فعل رسول اللهصلىاللهعليهوسلم؟ قالا : حيّ ، قالت : فلا أبالي يتّخذ الله من عباده الشهداء ، ونزل القرآن على ما قالت : (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ).
المناسبة :
إنّ ما حدث في وقعتي بدر وأحد ، وجزاء المؤمنين والكافرين هو سنة الله في الخلق مع بيان الحكمة في النصر والانهزام ، فالحق لا بدّ أن ينتصر على الباطل مهما طال أمد وجوده ، وقد جرى ذلك على أتباع الأنبياء السابقين ، كانت العاقبة لهم والدائرة على الكافرين ، كما وعد الله رسله : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات ٣٧ / ١٧١ ـ ١٧٣] ، (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء ٢١ / ١٠٥].
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ٧١ ، لكن هذه الرّواية غير مخرجة ، ويظهر منها الضعف.
(٢) المصدر السابق. واللّدم : صوت الحجر أو الشيء يقع بالأرض ، وليس بالصوت الشديد.