التّفسير والبيان :
إن مشيئة الله تسير على نظم ثابتة وسنن حكيمة ، ترتبط فيها الأسباب بالمسببات ، والمقدّمات بالنتائج ، وإن كان الله قادرا على كلّ شيء ، وتلك السّنة في الماضين واللاحقين هي أن من سار على منهاج الطائعين المؤمنين الموفقين ، حظي بالسعادة والنّصر والفلاح ، ومن سار في طريق العصاة المكذّبين ، كانت عاقبته خسرا ودمارا وهلاكا.
ففي أحوال السّلم إن سار المرء على الأصول المطلوبة والنّظم العلمية والخبرات المعروفة في شؤون الزراعة والصّناعة والتّجارة وغيرها ، نجح وظفر بمراده ، وإن كان ملحدا أو وثنيّا أو مجوسيّا. وإن جانب المعقول ، وخرج عن المألوف ، كان من الخاسرين ، وإن كان صالحا تقيّا.
وفي أحوال الحرب إن أعدّ القائد العدّة المناسبة في كلّ عصر لقتال العدوّ ، كما قال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...) [الأنفال ٨ / ٦٠] ودرّب الجيش على فنون الحرب تدريبا صحيحا عاليا ، تحقق النصر والغلبة ، وإن أهمل الإعداد والتّدريب ، أدركته الهزيمة.
ومن سار في الأرض ، وتعقب أحوال الأمم ، وتدبّر التاريخ وعرف الأخبار ، يجد مصداق تلك السّنة الإلهية الثابتة وهي الفوز لمن أحسن ، والخيبة لمن أساء.
وفي هذا تنبيه لمن أساء وخالف أمر النّبي صلىاللهعليهوسلم في أحد ، وتذكير بأنّ النّصر يوم بدر كان بسبب الثبات وصدق اللقاء وإطاعة الله والرّسول وحسن التّوكل على الله والثقة بقدرته ورحمته وفضله.
وهذا كلّه في القرآن بيان صريح للنّاس جميعا ، وهداية وموعظة للمتّقين