وعلى أية حال فالآية ضابطة تعم الكون كله لأمكنة الصلاة ، واتجاه المصلي فيها ، مهما خصت في خاصة الموارد بنص الكتاب او السنة ، وهي ما أمكن الاتجاه فيه الى القبلة حيث الأمر بتولي الوجوه شطر المسجد الحرام في آيته يخص المتمكن ، ثم تعم غيره (فَأَيْنَما تُوَلُّوا ...).
وقد تكون صلتها بالآية السابقة ان اليهود كانوا يعترضون على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين هامّة تحويل القبلة من القدس الى المسجد الحرام ، وان صلاتهم ـ إذا ـ باطلة إذ لا يتجه إليهم ربهم إلّا الى القبلة التي كانوا عليها ، فرد الله عليهم بما رد ، ان له تحويل القبلة (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (١) وطبعا كما يأمر الله.
__________________
ـ وفيه عن عامر بن ربيعة قال كنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في ليلة سوداء مظلمة فنزلنا منزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا فيصلي فيه فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة فقلنا يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة فأنزل الله (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ...) فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم) مضت صلاتكم ، وفيه اخرج الدارقطني وابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة لم نعرف القبلة فقالت طائفة منا القبلة هاهنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطا وقال بعضنا القبلة هاهنا قبل الجنوب فصلوا وخطوا خطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسكت فأنزل الله ، ولله المشرق والمغرب.
أقول : وقد استفاض الحديث عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأئمة اهل بيته (عليهم السلام) ان «بين المشرق والمغرب قبلة» وطبعا هذه التوسعة لمن لا يعرف القبلة ولا يستطيع ان يصلي مرات الى جهات ، او تأكد من القبلة وهو خاطئ وقد خرج الوقت.
(١) نور الثقلين ١ : ١١٨ في الاحتجاج للطبرسي قال ابو محمد (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقوم من اليهود : او ليس قد ألزمكم في الشتاء ان تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة وألزمكم به في الصيف ان تحترزوا من الحر فبدا له في الصيف حين أمركم بخلاف ما أمركم ـ