التكلّفات بوساطات الوحي ، المعرقلة مسير الكثير ومصيرهم ، فلو أنه كلمنا دون وسيط لكنا مؤمنين (١) ، والثانية كتنزل التنازل عن الأولى : (أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ) كما أرسل الأولون ، وما نقترحه عليه من آية؟.
«كذلك» البعيد البعيد (قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هؤلاء (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) على مدار الزمن الرسالي (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) المقلوبة كلمة واحدة في القالة الأولى ، وطلبا لما يشتهون من آيات الرسالة في الثانية ، والجواب كلمة واحدة (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ) الرسالية في كل أدوارها (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بها فمن لا يوقن بآيات الله إذا جاءت ، لا تتبين له آية ، وحتى لو كلمه الله ، وكما كلم الله قائدهم الشيطان الرجيم بما كلم ، فرد عليه وإبليس عن أمره إلى هواه!.
وتراهم كيف يصدقون كلام الله لو أنه كلمهم الله ، وليس ليريهم ذاته ، ثم لا يتم الإختيار لو أن الله أوحى الى كلّ ما يوحى! : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها).
فالذي يجد رياحة اليقين وراحته في قلبه ، مفتوحا الى آياته بمنافذه ، يجد في آيات الله مصداق إيقانه وإيمانه ، فليست الآيات لتنشئ اليقين بأنفسها ، وإنما ينشئ في قلوب صافية ضافية ، مهما كانت الآيات بعيدة الدلالة في مقياس الآخرين.
ولقد أصبحت كفار اليهود والنصارى ، الناكرون لهذه الرسالة السامية ،
__________________
(١) المصدر ١١٠ عن ابن عباس قال قال رافع بن حريملة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يا محمد! ان كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فانزل الله في ذلك (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ...) قال : هم كفار العرب (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) قال : هلا يكلمنا الله (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني اليهود والنصارى وغيرهم (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) يعني العرب واليهود والنصارى وغيرهم.