متشابهي القلوب مع الذين لا يعلمون ، بل وأنكر وأنكى وهم يتلون الكتاب ، عارفين طبيعة الوحي وشاكلته ، فإذا جاءهم الوحي القمة أنكروه قضية العصبية القومية والعنصرية.
لقد تشابهت قلوب المشركين الذين لا يعلمون ، وأهل الكتاب الذين يعلمون ، إذ أصبحت مقلوبة عن الهدى ، مليئة بالهوى ، فابتليت بأمثال هذه الأسؤلة الجاهلة.
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) ١١٩.
«إنّا» بجمعية الصفات الربانية (أَرْسَلْناكَ) بجمعية العطيات جمعية الميّزات الرسالية (بَشِيراً وَنَذِيراً) مزودا ببينات الآيات ، فإذا حققت البشارة والنذارة كما حقّت (لا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) الرافضين لآياتك ودعواتك الرسالية ، فلا تحزن عليهم لو لا يؤمنون ، ولا على نفسك لأنهم لا يؤمنون ، فلست أنت ـ كرسول بشير نذير ـ مسئولا عن أصحاب الجحيم ، لماذا لم يؤمنوا؟ وإنما تسأل لو كنت مقصرا في دعوتك ، على تقصيرهم في قبولها والإقبال إليها ، وقد بلغت القمة في دعوتك ، ثم لا عليك أن يصبحوا من أصحاب الجحيم.
(وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) ١٢٠.
قد تلمح (لَنْ تَرْضى) أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يدأب محاولا ترضية اليهود والنصارى حتى يؤمنوا ، فآيسه الله أولا بإحالة رضاهم إلّا أن يتحول إلى