ولقد تصبغ دعاء ابراهيم لأهل البلد الحرام بما صبغة الله من قبل (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) إفادة له من هذه العظة البالغة ، محترسا في دعاءه محددا المرزوقين من اهله بمن آمن وقد تبرء من قبل من المشركين (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) (٩ : ١١٤).
ولكن يبقى هنا مجال السؤال : هل إن طلب الرزق للمشرك ضمن المؤمن ، هو من الاستغفار له؟ طبعا لا! ولكنه استرحام قد يحوم حوم الاستغفار.
فانما حصر الخليل دعاءه في المؤمنين حائطة على مرسوم الدعاء ، ولكيلا يكون مطلقا يقيّد كما قيّدت (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) وقد حسره عن حصره الجليل ، ولأن هذا الرزق ليس ليختص بالمادي منه المؤمنين (قالَ وَمَنْ كَفَرَ ...) ولكن كيف؟
إنما (فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً) ، ثم الرزق الآخر وهو الروحي الإيماني يختص بالمؤمنين ، وكما اختص عهد الإمامة بغير الظالمين ، وقد يروى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) دعى لأهل المدينة كما دعى ابراهيم لأهل مكة (١).
ذلك وإلى رسم راسم لمشهد تنفيذ الخليل بإسماعيل لأمر الجليل بإعداد البيت وتطهير (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) :
__________________
ـ وفيه اخرج مسلم عن أبي هريرة ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وانه دعاك لمكة واني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه ، وفيه اخرج الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : ... واجعل مع البركة بركتين.
(١) الدر المنثور ١ : ١٢٨ ـ اخرج الأزرقي عن ليث بن معاذ قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) هذا البيت ...