لقد رفع ابراهيم القواعد من البيت وإسماعيل بما بوّء له ربّه مكان البيت : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٢٢ : ٢٦).
بوّأه له بما أوحى إليه هندسة المكان ليرفع القواعد عليه كما هندسه ربّه.
إذ لم تكن له ـ حينذاك ـ قواعد ولا أعلام ، إلّا بذلك الإعلام من الله الملك العلّام(١).
وان هذا البيت المبارك ـ قبل ان يضع ابراهيم القواعد منه ـ كان بيتا بأعلام أحيانا ودون أعلام أخرى ، كيف لا و (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٣ : ٩٦).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٢٦ ـ اخرج الديلمي عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية قال : «جاءت سحابة على تربيع البيت لها رأس تتكلم ارتفاع البيت على تربيعي فرفعاه على تربيعها.
وفي نور الثقلين وعن الصادق (عليه السلام) ان إسماعيل (عليه السلام) لما بلغ مبلغ الرجال امر الله ابراهيم (عليه السلام) ان يبني البيت فقال : يا رب في اي بقعة؟ قال : في البقعة التي أنزلت بها على آدم القبة ، فأضاء لها الحرم فلم يدر ابراهيم في أي موضع يبنيه فان القبة التي أنزلها الله على آدم كانت قائمة الى أيام الطوفان فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة وبقي موضعها لم يغرق ولهذا سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق فبعث الله جبرئيل (عليه السلام) فخط له موضع البيت فانزل الله عليه القواعد من الجنة وكان الحجر لما أنزله الله على آدم أشد بياضا من الثلج فلما مسته ايدي الكفار اسودّ ، فبنى ابراهيم (عليه السلام) البيت ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى فرفعه في السماء تسعة أذرع ثم دله على موضع الحجر فاستخرجه ابراهيم (عليه السلام) ووضعه في الموضع الذي هو فيه الآن فلما بنى جعل له بابين ، بابا الى المشرق وبابا الى المغرب يسمّى المستجار ثم ألقى عليه الشجر والأذخر وعلّقت هاجر على بابه كساء وكان معها وكانوا يكتسون تحته.