(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١٣٧).
(آمَنُوا بِمِثْلِ ...) دون «آمنوا بما آمنتم به» تنازل في درجات الإيمان ، فإنهم لم يكونوا مؤمنين بمثل ذلك الإيمان المجرد عن حسابات دخيلة فيه ، فكيف يدعون إلى نفس ذلك الإيمان المجرد ، إلّا قفزه لا تناسب سليم الدعوة والدعاية.
فليؤمنوا أولا (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) إيمانا بكل ما أنزله الله على رسله دون تمييز ، ثم وذلك الإيمان المجرد يجرهم بطبيعة الحال إلى نفس ما آمنتم به من رسالة الإسلام ، حيث الإيمان السليم بالوحي الكتابي ، يجذب الى الإيمان بمحور الوحي : القرآن العظيم ، ولا يعني (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) مثل الله الذي آمنتم به ، حتى تسقط «مثل» عن لفظ القرآن (١) إذ «ليس كمثله شي» بل هو مماثلة في أصل الإيمان ، لا الذي يؤمن به ، إيمانا بالله كما آمنتم ، وإيمانا برسالات الله كما آمنتم.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) عن مثل هذا الإيمان (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) تقسيم لبلد الإيمان الى شقين : إسرائيلي وإسماعيلي ، وذلك شقّ لوحدة الدين والإيمان ، وخروج عن واقع الإيمان إلى اللّاإيمان ، أم هو أنحس ـ أحيانا ـ من الكفر المطلق!.
إذا (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) بعد ما أديت واجب الدعاء وبالغ الدعوة ، فالله هو
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٤٠ عن ابن عباس قال : لا تقولوا (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) فان الله لا مثل له ، ولكن قولوا : فان آمنوا بالذي آمنتم به ، وفيه عن أبي جمرة كان ابن عباس يقرأ : فإن آمنوا بالذي آمنتم به.