وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ...) (٢ : ٢٨٥).
هذه هي قضية الإيمان المجرد عن انحيازات طائفية أم قبلية أما هي من امتيازات جاهلة قاحلة لا دور لها في حقل الإيمان الصالح.
وترى لماذا اختلاف التعبير لمنازل الوحي ب «ما أنزل» أولا و «ما أوتي» ثانيا ، وهذا أعم من الوحي كما (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) (٣ : ١٢) والوحي النازل الى موسى وعيسى أعلى نازلا ومنزلا من النازل الى إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط؟!.
علّه لأن أصل الوحي هو النازل على إبراهيم ، ثم تبعا له ولمن تبعه ، ومن ثم أوتي موسى وعيسى والنبيون نفس الوحي مهما اختلف وحي عن وحي في درجات وبعض الطقوس ، وذلك معاكسة لما كان يزعمه الهود والنصارى أنهم الأصل في الوحي.
وكما أن «أنزل» أعم من الإيتاء والإعطاء ، كذلك «أوتى» أعم من الوحي وسواه ، فهذان التعبيران لسلسلة الرسالات الحاملة للوحي ـ علّها ـ للتدليل على أن النازل إلى المرسلين ليس عطية لهم فهم مالكوها ، بل هو إيتاء كأمانة ووديعة مرجوعة بعد تطبيقها ، فتلك الوحدة الكبرى بين الرسل والرسالات في أصول الدعايات والاتجاهات ، هي القاعدة المتينة الرصينة للتصور الإيماني المسلم السليم ، السائرة في كل الدروب على هدى ونور ، التي تجمع كل الشعوب ـ بلا تمييز ـ على درب الإسلام التام والسلام العام ، مفتوحا للناس جميعا وكل العالمين في مودة ووئام ، ذلك هو الإيمان الإسلام السليم أيا كان وأيان ومن أيّ كان :