ويا له من تعبير منقطع النظير ، يتصبغ أولا ب (صِبْغَةَ اللهِ) أمرا إلزاميا من الله ، بمواصفة غالية تجعلها في أعلى قمم الحسن والجمال ، وثانيا بإقرار المصبوغين بها «ونحن» المسلمون المحمديون «له» لا لسواه «عابدون» لا نعبد إلّا إياه ، كحصيلة بارزة لصبغة الله.
فحذار حذار في دين الله وشرعته عن كل صبغة غير إلهية في قال او حال او فعال على أية حال ، في تكوين او تشريع أم أية صبغة ربانية.
وكما الصبغة المادية تظهر على المصبوغ كأولى المظاهر ، كذلك الصبغة الروحية من طبعها الظهور في كافة المظاهر الحيوية الإنسانية ، وقد سميت بصبغة الله عناية بتلك الظاهرة في مظاهر الأقوال والأفعال ، كما هي في كامنات العقائد والأحوال ، فكل إناء بما فيه يرشح ، فالفطرة ـ وهي أعمق أعماق الإنسان ـ لمّا تصبغ بصبغة الله ، فلتصبّق ـ على آثارها ـ النفس بكل جنودها ومراحلها الخيّرة : عقلا وصدرا ولبا وقلبا وفؤادا ، ومن ثم في كافة الحواس ومظاهرها في كافة الحقول ، والقلب الفؤاد هو المحور الأصيل كإمام الائمة في مملكة النفس الإنساني ، حيث «القلوب أئمة العقول والعقول أئمة الأفكار والأفكار أئمة الحواس والحواس أئمة الأعضاء».
وكل صبغة دون صبغة الله هي صبغة ابليسية مهما اختلفت دركاتها ، كما والصبغة الإلهية ـ في حقل التكوين والتشريع والتكليف ، والواقع الحاصل بينها ـ درجات.
أجل (صِبْغَةَ اللهِ) لا الصبغة اليهودية والنصرانية (١) أمّا هيه من
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٤١ عن قتادة قال : ان اليهود تصبغ أبناءها يهود وان النصارى تصبغ أبناءها نصارى وان صبغة الله الإسلام ولا صبغة احسن من صبغة الله الإسلام ولا أطهر وهو دين الله الذي بعث به نوحا ومن كان بعده من الأنبياء.