(وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) لا فحسب حتى نستوي فيها بل (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) معرفيا وعبوديا دون إشراك ، فلما ذا ـ إذا ـ تحاجوننا؟! ولقد كانت اليهود والنصارى ـ كلّ ـ يختص الرب بنفسه بآصرة النبوة الإلهية المزعومة او النبوة الممتازة المدّعاة ، فرد عليهم هذه التهوسة العمياء بأن ربوبيته ـ كأصل ـ هي بيننا وبينكم على سواء ، ثم ونحن نختلف في مدارج الزلفى إليه حسب الأعمال والإخلاص فيها ، فمن هو أخلص منا لله معرفيا وعمليا؟.
ثم إذا اختصت الهدى والزلفى بمن كان هودا او نصارى ، فما بال إبراهيم الخليل أهو كما نحن ـ في زعمكم ـ بعيد عن الهدى وأنتم به تنتسبون وتفتخرون؟ :
(أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤١).
لقد كان هؤلاء قبل اختلاق اليهودية والنصرانية ، فهل كانوا ـ بعد ـ هودا أو نصارى؟.
وعجبا من حمقهم في عمقهم أنهم كانوا يتفوهون بهذه الفرية الوقحة على هؤلاء الرسل الكرام! وتراهم ماذا يظنون بهؤلاء؟ أهم ضلّال لأنهم ليسوا هودا أو نصارى ، أم هم هود أو نصارى؟ ثم الله مشتبه في أمرهم ، وإنما يعرف الهدى هود او نصارى! (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ)؟
ولقد كتموا شهادة إلهية تحمل بشارة محمدية : كتمانا عن أسرها ، أم تحريفا في لفظها ومعناها لحسرها عن معناها وأسرها عن محتواها فهم أظلم وأطغى.