قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (١٤٥).
(الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) تعم كافة اهل الكتاب في الرسالات الكتابية على مدار الزمن ، فالانحيازات الكتابية ـ ككلّ ـ من جهة ـ إلّا من آمن ـ
والعنصرية الإسرائيلية بوجه خاص ، ثم الطائفية الكتابية في الرسالة الإسرائيلية بوجع عام ، هما من الموانع لأن يتبعوا قبلتك ـ إلّا قليلا منهم ـ وان أتيتهم بكل آية بينة ، ثم (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) سنادا إلى حجة الوحي الصارم ، وقبلة القدس المؤقتة لم تكن متبوعة لك كقبلة يهودية ، وانما «لنعلم ...» وليعلم أهل الكتاب انك لست جامدا على قبلة عنصرية أم طائفية ف (ما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) تنفي هذه التبعية بأمر الله ـ فضلا عن سواه ـ من الحال حتى آخر زمن التكليف ، فهي عبارة أخرى عن انها ـ بعد ـ لا تنسخ ، قطعا لآمال أهل الكتاب ، وصدا عما يخلد بخلد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من التحول الى قبلة القدس تقريبا لأهلها الى الإسلام.
ذلك! وكما نفت ـ عما سلف من قبلة القدس ـ إتباعه لها لمجرد هوى أهلها ، فانه اتباع لأمر الله في مصلحة وقتية ، ثم هنا مقابلة بين حق القبلة وباطلها ، فهم (ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) سلبا باطلا (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) سلبا حقا.
ثم وكيف بالإمكان اتباع قبلتهم وهي بين القدس والمشرق ، فاتباع كلّ رفض للآخر ، فليترك اتباع الأهواء المختلفة ـ المستحيل تحقيقها ـ إلى اتباع هدى الله.
ثم (وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) فالبعض اليهود مستقبلون القدس على طول الخط دون تحول الى شرق المسيحي ، والبعض المسيحي مستقبلون الشرق