دون تحول الى القدس ، أفأنت تهوى ـ بعد ـ ان تتبع أهواءهم في اتباع قبلتهم لفترة أخرى حتى يتبعوا قبلتك؟.
فحتى ولو اتبع بعضهم قبلة بعض ، وأصبحت القبلة الكتابية واحدة ، ف (ما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) إذ قضي أمر التحويل تمييزا لأهل الحق عن غير أهله.
ثم اليهود والنصارى على وحدتهم في تكذيبك هم مختلفون في قبلتهم ، فكيف يرجون أن تتبع قبلتهم؟!.
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) في أيّ من الطقوس الكتابية (إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) بحق الشرعة الإلهية ، بعد ما كنت من العادلين في استقبال القبلتين.
هنا «ولئن ...» تلمح أن الرسول كان يودّ ـ بعنوان ثان ـ التحول الى قبلة القدس فترة أخرى رغبة في تميّل اليهود إلى الإسلام ، إذا ف (قِبْلَةً تَرْضاها) لا تعني انه لا يرضى القدس ، وإنما هو لو خلّي ونفسه كان يرجّح الكعبة المباركة ، وهو ـ كضابطة رسالية ـ يحب ما أحبه الله ثم (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) هنا هم العارفون بما في الكتاب من حق هذه الرسالة الأخيرة ، ثم (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) لا وعوامهم المشتبهون باتباعهم إلّا الصامدون في تقليدهم الأعمى ، ولا كل علماء الكتاب ، فالذي يجحد بالحق وهو على علم به بأدلته ، ليس ليتحول عن نكرانه له بأدلته ، فهو من الذين (زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) امتناعا لاتباع هذه القبلة باختيار.
وهنا (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) تشديد على العلماء في مسئولية الحفاظ على ما يعلمونه حقا ، وتنديد بهم إن تركوها كأنهم لا يعلمون ، فالإقدام على أمر جهلا هو أقل مسئولية من الإقدام عليه بتخلف علما.