ثم وتسريعا وتسهيلا لذلك عملوا الآلة المغناطيسية المعروفة بالحك (١) ولأنها لم تخل من الشبهة والنقصان ، قام المغفور له السردار الكابلي باستخراج الانحراف القبلي بأصول حديثة ، وحصل ـ من ضمنها ـ على استقامة كاملة للمحراب الخاص في مسجد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة المنورة (٢) ثم
__________________
ـ في كل بلدة من بلاد الإسلام بالدائرة الهندية المعروفة المعينة لخط نصف النهار ، ثم درجات الانحراف وخط القبلة.
(١) هذه الآلة بعقربتها تعين جهة الشمال والجنوب فتنوب عن الدائرة الهندية في تعيين نقطة الجنوب ، وبالعلم بدرجة الخراف البلد يمكن للمستعمل ان يشخص جهة القبلة
(٢) ولأن هذه الآلة تبين فيها الاشتباه من الجهتين جميعا ـ طولا وعرضا ـ : فان المتأخرين من الرياضيين عثروا على ان المتقدمين اشتبه عليهم الأمر في تشخيص الطول ، واختل بذلك حساب الانحراف فتشخيص جهة الكعبة ، وذلك ان طريقهم الى تشخيص عرض البلاد ـ وهو ضبط ارتفاع القطب الشمالي ـ كان اقرب الى التحقيق ، بخلاف الطريق الى تشخيص الطول ، وهو ضبط المسافة بين النقطتين المشتركتين في حادثة سماوية مشتركة كالخسوف بمقدار سير الشمس حسا عندهم ، وهو التقدير بالساعة ، فقد كان هذا بالوسائل القديمة عسيرا وعلى غير دقة ، لكن توفر الوسائل وقرب الروابط اليوم سهّل الأمر كل التسهيل فلم تزل الحاجة قائمة على ساق ، حتى قام الشيخ الفاضل البارع الشهير بالسردار الكابلي ـ رحمه الله ـ في هذه الأواخر بهذا الشأن فاستخرج الانحراف القبلي بالأصول الحديثة وعمل فيه رسالته المعروفة بتحفة الأجلة في معرفة القبلة وهي رسالة ظريفة بيّن فيها طريق عمل استخراج القبلة بالبيان الرياضي ، ووضع فيها جداول لتعيين قبلة البلاد.
ومن ألطف ما وفق له في وسعيه ـ شكر الله سعيه ـ ما اظهر به كرامة باهرة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في محرابه المحفوظ في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة ٢٥ ٢٧٥ ـ وذلك ان المدينة على ما حاسبه القدماء كانت ذات عرض ٢٥ درجة وطول ٧٥ درجة و ٢٠ دقيقة ، وكانت لا توافقه قبلة محراب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في مسجده ، ولذلك كان العلماء لا يزالون باحثين في امر قبلة المحراب ، وربما ذكروا في الخرافة وجوها لا تصدقها حقيقة الأمر ، لكنه ـ رحمه الله ـ أوضح ان المدينة على عرض ٢٤ درجة ٥٧ دقيقة وطول ٣٩ درجة ٥٩ دقيقة ، وانحراف درجة ٤٥ دقيقة تقريبا ، وانطبق ذلك قبلة المحراب أحسن الانطباق وبدت بذلك كرامة ـ