ثم ونسيان ذكر الله كفر به وكفران ، وذكره شكر وشكران ، فقد قال موسى يا رب أخبرني كيف أشكرك؟ قال : «تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني وإذا نسيتني فقد كفرتني» (١) «كفرتني» تعني سترتني عن نفسك سترا لنفسك عني بعدا معرفيا ، وهي مختلف عن «كفرت بي» فهذا كفر وذاك كفران.
«فاذكروني» الظاهر في ذكر الله الدافع الى طاعته تقوى قد تشمل ذكره ـ أيضا ـ حال معصيته طغوى ، فهي هنا أمر تعجيز وتهديد ، كما الأوّل أمر تحجيز وتمديد ، وكما يروى «أوحي الله إلى داود قل للظلمة لا يذكروني فإن حقا عليّ أذكر من ذكرني وإن ذكري إياهم أن ألعنهم» (٢).
إذا (وَلا تَكْفُرُونِ) كما تعني الكفران بالنسيان ، كذلك تعني الكفر بالذكر حالة الطغيان في العصيان ، ولأن «أذكركم» هي كجزاء ل «فاذكروني» فلتكن أوسع من شرطها كما قال الله (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) فكذلك الله في مسرح الذكر حيث يقول : «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير منهم وإن تقرّب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت إليه باعا وان أتاني يمشي أتيته هرولة» (٣) ويقول : «لا يذكرني أحد في نفسه إلّا ذكرته في ملاء
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٤٨ ـ اخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن زيد بن اسلم ان موسى (عليه السلام) قال : ...
(٢) المصدر أخرج ابن أبي شيبة في المصنف واحمد في الزهد والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس ...
(٣) المصدر أخرج احمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال الله : ...