وبين دون سواه ، قاصرا عنهما بموته أم مقصرا بتكاسله ، فانه على أية حال مقصر في كتمانه ولا عفو كليا إلّا إصلاحه.
فحين يتوب ويستطيع الإصلاح عما كتم والبيان لحدّ يرجع المضلّل عما ضل بكتمانه ، (فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) وحين لا يتوب إطلاقا ف (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) في الأولى والأخرى ، وحين يتوب ولا يصلح او يبين على مكنته مقصرا ، أم لا يتمكن لصمود المضلّل على ضلاله أم موته ، فهو عوان بينهما ، فالتوبة درجات كما الكتمان دركات و (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) ، ولأن قبول التوبة رحمة من الله وحنان ، فهي غير مفروضة على الله إلا كما كتب على نفسه ، فهنا يسقط السؤال انه حين لا يقدر على إصلاح ما أفسد ولا البيان فما هو ذنبه في قصور ، حيث الجواب انه معاقب على ما قصر اللهم إلا فيما جبر ، فهو بالنسبة لما لم يجبر من كتمانه مستحق اللعنة قصر ام قصّر مهما بان البون بينهما.
وإذا لم يستطع هو على الإصلاح بنفسه والبيان فليحاول فيهما بعلماء ربانيين بامكانهم ما هو عنه قاصر ، حيث إن واجب الإصلاح لا يختص بنفسه دون وسيط.
فهؤلاء المصلحون الذين بيّنوا بعد ما أفسدوا بما كتموا ، يفتح لهم القرآن هذه المنافذ المضيئة الثلاث ، ذريعة الخلاص ، يفتحها لهم فتنسم لهم نسمة الأمل على ضوء جادّ العمل ، في إعلان صارخ لكل التائبين المصلحين : (وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
فأما المصرون على كتمانهم فلا يزدادون إلّا لعنات على لعنات :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ١٦١.