مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٠ : ٢٢).
فجري الفلك في البحر آية ، واتجاه القلب في أعماق الفطرة الى ربوبية وحيدة في خضم البحر الملتطم ـ شئت أم أبيت ـ آية (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) (١٧ : ٦٨).
٤ (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) ففي ضم ميت الماء بميت الأرض بما فيها من ميت الحبوب ، نرى في مثلث الميتات حياة ، سبحان الخلاق العظيم.
٥ (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) ومهما كان ضمير التأنيث في «فيها» راجعا إلى الأرض مبدئيا كظاهر التعبير لتقدم الأرض ، ولكنه راجع ـ أيضا ـ إلى السماوات لسبق ذكرها ، ولأن (مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) (٤٢ : ٢٩).
فخلق الدواب وبثّها دون تهافت وتفاوت آية لقوم يعقلون أنهما من إله واحد.
٦ (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ ...) و «الرياح» جمعا هي في سائر القرآن رياح الرحمة ، والريح ـ إلّا الموصوفة بالطيبة ـ هي ريح العذاب ، وما هبت ريح قط إلّا جثا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) على ركبتيه وقال : «اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا ، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٦٥ ـ اخرج الشافعي وابو الشيخ والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال : ... قال ابن عباس : والله ان تفسير ذلك في كتاب الله : أرسلنا عليهم ريحا صرصرا ...