فالأمي الطليق الذي يجهل ، ويجهل أنه يجهل دونما تقصير ، هو من «المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم».
والأمي العارف بأميته وجهله ، عليه ان يتعلم ، او يتبع خطى من يعلم ، دون ترسّل في تقاليد جاهلة عمياء ، فهو مستضعف مقصر في تقليده ، مسئول عند ربه.
والأمي الذي هو على درب التعلّم ، ولا يقلّد إلا فيما ليس ليعلم ، وانما يقلّد من يعلم وهو أمين ، انه على سبيل نجاة (١).
__________________
(١) في تفسير بيان السعادة ١ : ١٠٦ نقل انه قال رجل للصادق (عليه السلام) : فإذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب الا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم الى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلّا كعوامنا يقلدون علماءهم فان لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم؟
فقال : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة ، اما من حيث استووا فان الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم ، واما من حيث افترقوا فلا ، قال : بينّ لي ذلك يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال (عليه السلام) : ان عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح وبأكل الحرام والرشا وبتغيير الأحكام عن وجهها بالشفاعات والعنايات والمصانعات ، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم ، وانهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه واعطوا ما لا يستحق من تعصبوا له من اموال غيرهم وظلموهم من أجلهم وعرفوهم يقارفون المحرمات واضطروا بمعارف قلوبهم الى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز ان يصدّق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله فلذلك ذمهم لما قلّدوا من قد عرفوا ومن قد علموا انه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في امر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ كانت دلائله أوضح من ان تخفى وأشهر من ان لا تظهر لهم وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهاءهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتطالب على حطام الدنيا وحرامها ـ