آية التقفية هذه نراها يستدل بها عند المبشرين المسيحيين على أن المسيح خاتم النبيين ، يقول قائل منهم : في القرآن كله ، في النصوص كلها التي يرد فيها ذكر المسيح ، ظاهرتان : الأولى : يقفي القرآن على كل الرسل بالمسيح ، ولا يقفي على المسيح بأحد (٢ : ٨٧) يعني هذه ، و (٥ : ٤٦) (٥٧ : ٢٧).
الثانية : المسيح نفسه في ما ذكر القرآن عنه لا يبشر بأحد من بعده على الإطلاق إلّا في بعض تلك الآية اليتيمة : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) وهذا يجعل تعارضا ما بين الموقف المتواتر والموقف الشاذ اليتيم فيه ، والعقيدة في كتاب منزل تؤخذ من المحكم فيه لا من المتشابه (١).
يستدل بآيات التقفية ـ الثلاث ـ على أن المسيح هو خاتم النبيين ، فالثانية (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٤٦).
والثالثة : (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ ...) (٢٧).
ولكن آية البقرة تؤتي موسى الكتاب ثم تقفّي من بعده بالرسل ، فلو كان المعني منهم كل الرسل لخرج المسيح (ع) ايضا عن جماعة الرسل ، فهم ـ إذا ـ معظم الرسل الإسرائيليين ، وقد قفى من بعدهم بالمسيح وهو خاتم الرسل الإسرائليين ، وليست هذه التقفية الإسرائيلية إلّا توطئة لبيان انتقال الرسالة إلى رسول غير إسرائيلي (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا
__________________
(١) ذكره الحداد البيروتي في كتابه مدخل الى الحوار الاسلامي المسيحي ص ٣٦٤ ...