(وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) ٨٨.
«غلف» هي جميع أغلف أو غلاف ، وهو الذي في غلاف مبالغة ، أو كالمتعود من غلاف السيف ، فهل يعنون بغلف قلوبهم أنها (فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) لا تنفذ إليها دعوة جديدة غير إسرائيلية : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) (٤١ : ٥).
فهي ـ إذا ـ غلف بطبيعة الحال عما تدعونا إليه ، فما هو ذنبنا وقد خلقنا غلف القلوب ، والجواب كلمة واحدة : (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) ـ (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ـ (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (٦ : ٢٥).
فليست هي غلفا بما خلق الله ، بل (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) (٥ : ١٣).
أم يعنون أنها غنية عن أية شرعة غير إسرائيلية ، فهي مغلفة عن غيرها ، غنية بها ، مليئة منها ، ومن ثم «أنها أوعية للخير والعلوم قد أحاطت بها واشتملت عليها ، ثم هي معذلك لا تعرف لك يا محمد فضلا مذكورا في شيء من كتب الله ولا على لسان أحد من أنبياء الله» (١).
قد يعنون ذلك الثالوث من غلف القلوب ، وردا عليهم فيها كلمة
__________________
ـ النبي خمسة أرواح روح الحيوة فبه رب ودرج ، وروح القوة في نهض وجاهه ، وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال ، وروح الايمان فبه آمن وعدل ، وروح القدس فبه حمل النبوة ، فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الامام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو ولا يلعب ، والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتلهو وتزهو وروح القدس كان يرى به.
(١) تفسير الامام الحسن العسكري قال (عليه السلام) في تفسير الآية ... ومثله في الدر المنثور عن ابن عباس.