واحدة : (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ) قلوب لعينة مقلوبة عن الخير بكفرهم ، امتناعا لقبول الحق بالاختيار!.
ولأن الله لعنهم بكفرهم (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) قليلا منهم ، وقليلا من الإيمان ، والقلتان معنيتان ، فإنهما من خلفيات لعنهم بكفرهم ، فقليلا منهم يتخلصون عن كفرهم ، وقليلا يؤمنون حين يتخلصون.
ويروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «القلوب أربعة قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغفل مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مفصح ، فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه وأما القلب الأغلف فقلب الكافر وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر ، وأما القلب المفصح فقلب فيه ايمان ونفاق ، ومثل الايمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم فاي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه (١).
لقد قالوا قولتهم الهارفة الخارقة هذه تئييسا لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعليلا لعدم إجابتهم له :
(وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٨٧ ـ اخرج احمد بسند جيد عن أبي سعيد قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : ... وفيه ـ اخرج ابن أبي شيبة في كتاب الايمان والبيهقي في شعب الايمان عن علي رضي الله عنه قال : ان الايمان يبدو لحظة بيضاء في القلب فكلما ازداد الايمان عظما ازداد ذلك البياض فإذا استكمل الايمان ابيض القلب كله ، وان النفاق لحظة سوداء في القلب فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد فإذا استكمل النفاق اسود القلب كله وايم الله لو شققتم على قلب مؤمن لوجدتموه ابيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه اسود».
أقول : يعني منه قلب الروح و «لو» المحيلة لذلك الشق يؤيده ولا استحالة في شق قلب الجسم.