مسقطا لهم عن أية رحمة ربانية تشملهم ، والدار الآخرة خالصة لهم أنفسهم لا يشاركهم فيها هؤلاء الناس!.
فهنالك دعوا إلى تلك المباهلة ، كبرهان واقع على كذبهم بعد كل البراهين التي رفضوها :
ولقد أمر الرسول أن يقولها لهم فقال «إن كنتم في مقالتكم صادقين قولوا : اللهم أمتنا ، فو الذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلّا غص بريقه فمات مكانه فأبوا أن يفعلوا وكرهوا ما قال لهم فنزل (١) :
(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) ٩٥.
وكيف يتمنونه وهم يخشون أن يستجيب الله لهم فيأخذهم من فورهم ، فهم قد خسروا الدنيا بالموت الذي طلبوه انقطاعا عن شهواتهم ، وخسروا الآخرة بالعمل السيء الذي قدموه!.
قد يتمنى المشرك او الملحد الموت لأسباب طارئة ، ولأنه لا يخاف بعد الموت ، ولكنهم (لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) لأنه نهاية شهواتهم وبداية بلياتهم بما قدموا (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أنهم لن يتمنوه ، بل هم أحرص الناس على حياة :
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) ٩٦.
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٨٩ ـ اخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في هذه الآية : قل لهم يا محمد ان كانت لكم الدار الآخرة يعني الجنة كما زعمتم خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ يعني المؤمنين فتمنوا الموت ان كنتم صادقين انها لكم خالصة من دون المؤمنين فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...