ام وللذين يوقنون بتلك السعادة العظمى أطاعوا الله ام عصوا ، فما ذا تفيدهم ـ إذا ـ بقية الحياة الدنيا إلّا بعدا عنها وعن لقاء الله (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)!
ثم من سواهم لا يجوز لهم تمني الموت كما لا يجوز لهم التعرض للموت ، فان الموت لهم انقطاع عن حياة التحصيل ورجاء التلافي لما قصّروا ، او المزيد فيما قصروا عنه «ولأنا لا نأمن من وقوع التقصير فيما أمرنا به ونرجو في البقاء التلافي» (١).
وقد يجوز تمني الموت لمن لا يرجو في البقاء التلافي ، بل ومزيد العصيان ، أم هو موقن بذلك ، واليهود ـ فيما يدعون ـ هم القسم الثاني من الأربعة فليتمنوا الموت إن كانوا صادقين ، فإن النقلة من ضيق الحياة وضنك المعيشة الى سعتها الخاصة الخالصة دون اي شرط إلّا أنك إسرائيلي ، إن تمني تلك النقلة هي طبيعة الحال لأصحابها ، بل وذلك أدناها ، حيث الطمأنة المطلقة تقتضي التعرض للموت ، بل والانتحار.
إنهم يعبرون عن أنفسهم بما عبروا ، وعن المؤمنين بالناس ، تعبيرا ساقطا
__________________
ـ وفيه عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) قال أتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال له : ما لي لا أحب الموت؟ فقال له : ألك مال؟ قال : نعم ، قال : فقدمته؟ قال : لا ، قال : فمن ثم لا تحب الموت.
(١) في مجمع البيان قال امير المؤمنين (عليه السلام) ـ وهو يطوف بين الصفّين بصفّين في غلالة ـ شعار يلبس تحت الثوب الدرع ـ لما قال له الحسن ابنه (عليه السلام) ما هذا زيّ الحرب؟ فقال : يا بني إن أباك لا يبالي وقع على الموت ام وقع الموت عليه ، واما ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، ولكن ليقل : اللهم احيني ما دامت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، فانما نهي تمني الموت لأنه يدل على الجزع ، والمأمور به الصبر وتفويض الأمور اليه ، ولان لا نأمن ...