قبله ، ولا سيما محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى).
إن مشكلة النسخ كانت مشكلة كتابية إسرائيلية ، إحالة له أحيانا ، ونكرانا له أخرى ، سواء أكان نسخا لآية رسالية (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ...) (٦ : ١٢٤).
ام آية رسولية كالرسالة الإسماعيلية الناسخة للرسالات الإسرائيلية ، فرغم البشارات المحمدية في كتبهم أنكروه لمّا جاءهم لأنه ليس إسرائيليا.
ام آية او آيات أحكامية ، كما القرآن بالنسبة لما بين يديه ، والإنجيل بالنسبة للتوراة في أحكام ، ولا يعني النسخ الأحكامى ـ وكما النسخ الرسالي والرسولي ـ تجهيلا لساحة الرب أنه علم بعد جهل ، إنما الناسخ بيان لأمد المنسوخ ، كما الآيات المنسوخة القرآنية تلمح بنفسها أنها لأمد سوف يبيّن (١) فالحكم المنسوخ ان كان محددا بحد معلوم أم غير معلوم ، كان الناسخ بيانا للمجهول في غير المعلوم حدّه ، وتوضيحا للمعلوم والحكم الآتي بعده.
وإن لم يكن محدّدا بحدّ فهو مطلق فيه ، كان الناسخ كتقييد لإطلاقه وقتيا ، إذا فلا نسخ في الشرعة ـ في نفسها او لشرعة اخرى ـ بمعنى التعارض ، بل هو ـ ككلّ ـ بيان لانتهاء حكم سابق وابتداء حكم لاحق.
وفي (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) برهان قاطع لا مرد له أن الآية الثانية ـ أيا كانت ـ لا تقل عن الأولى ، بل وقد تزيد ، آية رسولية ام رسالية أم أحكامية ، فلا يصح القول بتقديم الأقدم من أولى العزم وتفضيله على لاحقة ، فإمّا هما
__________________
(١). فمثل قوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ ... فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) والسبيل هنا هي التي تحملها آية النور : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ).