كما وأن الآية الرسولية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نسخت الرسل السابقين أو أنستهم ، لأنه جمع كلّ فضائل الرسل والرسالات وزيادات ، لحدّ هم يعتبرون تقدمات لمجيء هذا الرسول (ص) ، كما يعتبر وحيهم الرسالي بجنب وحيه وصية.
ثم الآيات الأحكامية الناسخة في القرآن ـ وهي قلة قليلة ـ قد أتى الله بها خيرا من المنسوخة او مثلها في الأثر الصالح للامة الأخيرة ، وقد يجري ذلك في آيات الإمامة إلّا في الإنساء فإنهم معروفون على مدار الزمن ، وقد يصدق «بِخَيْرٍ مِنْها» في صاحب الأمر ، ك «مثلها» في سائر الائمة خلفا لسلف (١).
ثم الآيات الرسالية قبل القرآن ، هي كذلك ، لا تأتي آية لا حقة منها إلّا ناسخة للسابقة او منسية ، وهي خير منها او مثلها ، والقصد من الآية الرسالية تثبيت الرسالة ، كلّ حسب المقتضيات والمصالح التي قد لا يعلمها إلّا الله ، فليست الآية الرسالية ـ وكما الرسولية ـ لتحصر في واحدة ، وتحسر عن سواها ، بل هي محلّقة على كل ما هو الأصلح للرسل والمرسل إليهم ، دلالة قاطعة على رسالاتهم.
وهنا مقابلة «ننسخ» ب «ننسها» تجعل النسخ إزالة الحكم مهما بقي في العلم ، وتجعل الإنساء إزالة عن العلم كما أزيل حكمه ، ومهما عمت «من آية» مثلث الآيات ، فلا تعمها (أَوْ نُنْسِها) فقد تنسى آية رسالية أم رسولية بين أمة لا حقة ، ولكن لا تنسى آية حكمية عن خاطر رسول ، حكما له او لمن
__________________
(١). نور الثقلين ١ : ١١٥ عن اصول الكافي علي بن محمد عن اسحق بن محمد عن شاهديه بن عبد الله الجلاب قال : كتب إلى ابو الحسن (عليه السلام) في كتاب : أردت ان تسأل عن خلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك فلا تغتم فان الله عز وجل لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ، ما يتقون ، وصاحبكم بعدي ابو محمد ابني وعنده ما تحتاجون اليه يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها. قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان.