نسيانه أيّة آية : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) إقراء رباني يضمن ألّا ينسى ما اقرء ، و (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) راجع إلى «سنقرئك» دون «تنسى» ، كما فصلناه في محله.
هنا يخرّ سقف المختلقات الزور من آيات يدعى أنها كانت من القرآن ثم نسخت أو أنسيت عنه وعن خاطر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ يخر سقفهم من فوقهم وينهد صرحهم (١).
«آية» هنا هي آية الرسالة والآية الرسول ، ام وآية تحمل حكما ، ونسخ الآية الأولى وإنساءها هو نسخ الآيات المعجزات البصرية ، حيث نسخت بآية القرآن بصيرة خالدة تمشي مع الزمن ، والقرآن الآية خير من كلّ آيات الرسالات صورة ومادة ومدة ، نسخت تلكم الآيات وأنستها ، وكما نجد القرآن في عشرات من آياته يتحدى الناكرين بنفسه ، ويجعله كافية عن سائر الآيات الرسالية : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ ...)!
__________________
(١). كما في الدر المنثور ١ : ١٠٥ ـ اخرج جماعة عن أبي موسى الاشعري قال : كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوفه الا التراب ، وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات أولها : سبح لله ما في السماوات ، فأنسيناها غير اني حفظت منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة) وفي نقل آخر عن أبي موسى نفسه : قال : نزلت سورة شديدة نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها : ان الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، وفيه عن أبي واقد الليثي قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إذا اوحي اليه أتيناه فعلمنا ما اوحي اليه ، قال : فجئته ذات يوم فقال : ان الله يقول : انا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكوة ولو ان لابن آدم واديا لأحب أن يكون له الثاني ولو كان له الثاني لأحب ان يكون إليهما ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب. ولقد نسب اليه فيما يروى عن بريدة انه قرء هذه الجملات في صلاته كأنها آيات؟!
أقول : وحتى الطفولة في معرفة القرآن تضحك على هذه العبارات ، فأين هي في ألفاظها ومعانيها من القرآن. ان هي الا إسرائيليات تعني للقرآن ما عني لكتاباتهم المحرفة!