سبيل الله ، فكما أنها بحاجة إلى عدة المجاهدين المناضلين كذلك عدّة الأموال لتصرف في حاجياتها ، ثم هي في وجه عام أعم من الجهاد بالنفس وأي نفيس بالإمكان إنفاقه في أي سبيل من سبل الله ، وأفضل سبل الله المحلقة عليها كلها هو (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ ـ كُلُّهُ ـ لِلَّهِ) فالإنفاق فيه هو تجنيد كافة الطاقات والإمكانيات في سبيل تحقيق كلا السلب والإيجاب ، إنفاقا نفسيا وماليا ، وإنفاقا ثقافيا وعقليا وسياسيا ، وعلى الجملة إنفاقا في كافة الحقول ، اجادة بالموجود ، وتحصيلا لغير الموجود ، فالآية ـ إذا ـ في نطاق آية الإعداد : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) فترك ذلك الإنفاق إلقاء بأيدينا أنفسنا بكل ما لدينا إلى مفازات الهلاك ، وكما نرى المسلمين هلكى في كافة الحقول الحيوية بما تركوا الإنفاق اللائق في سبيل الله.
ثم انه كما الجهاد بحاجة الى رجال كذلك بحاجة الى اموال ، فمن مجاهد ليس عنده مال ، ومن ذي مال لا يسطع على الجهاد ، فلينفق بديل جهاده من الأموال ، بل والمجاهد بنفسه وعنده مال عليه أن ينفق قدر المستطاع.
فقد كان كثير من فقراء المسلمين الراغبين في الجهاد والذود عن منهج الله وراية العقيدة لم يكونوا يجدون ما يزودون به أنفسهم ولا ما يتجهزون به من عدة الحرب ، فيأتون النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم (تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) (٩ : ٩٢).
لذلك نرى الدعوة الى الجهاد تصاحب الدعوة إلى الإنفاق في اغلب المواضيع ، وهنا يعد عدم الإنفاق تهلكة ينهى عنه ـ فيما ينهى ـ المسلمون.
الإنفاق في سبيل الله محدد بالعفو بصورة عامة (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) وهو الزائد عن ضرورات الحياة ، وكلّ من الإفراط والتفريط في حقل الإنفاق إلقاء الى التهلكة ، ومفعول «لا تلقوا» محذوف معروف وهو كافة