والأولين إيجابا لهما بعد الابتداء فيهما مهما كانا مندوبين فضلا عنهما مفروضين.
وقد تؤيد الإتمام الأصل (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) وليس الإحصار الواجب فيه الهدي إلّا بعد الابتداء بأحدهما.
فقد أصبحت الآية من آيات تشريع الحج والعمرة مهما سبقتها آيات أخرى في فرضهما ، اللهم إلّا في خصوص العمرة وسائر ما في الثمان أحكام لم تذكر من ذي قبل.
وفي تقابل العمرة هنا بالحج دليل فرضها كما الحج ، وهما كالظرف والمجرور إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ، اللهم الا في العمرة إذ لا تعني معها الحج ، ولكن الحج وحده يعني معه العمرة ، فقد يذكر الحج دون العمرة فيعنيهما ك (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٣ : ٩٧) (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) (٢٢ : ٣١) فانه الزيارة المقصودة للبيت ـ ككل ـ سواء أكانت في حج أو عمرة ، فانه فرض فيهما أصيل وسائر الفروض فروع له.
وقد يذكر الحج مع العمرة كما هنا فيعنى من كلّ نفسه ، او يذكر بقيد يلمح للآخر (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) (٩ : ٣) حيث يقابله الحج الأصغر ولا نعرفه إلّا العمرة إذ لا ثالث لزيارة البيت حجا ، اللهم إلّا طوافا واجبا بسبب او ندبا وهو لا يسمى بمفرده حجا.
وقد يروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأئمة أهل بيته (عليهم السّلام) تفسير الحج الأكبر بالحج والأصغر بالعمرة (١).
فهنا تجاوب صارح صارخ بين الكتاب والسنة في إيجاب العمرة كالحج ،
__________________
(١) في الدر المنثور : ٢٠٩ ـ اخرج الشافعي في الأم عن عبد الله بن أبي بكر ان في الكتاب الذي كتبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعمرو بن حزم : ان العمرة هي الحج الأصغر.