«الزرع» هنا تعم كل المحاصيل الإنسانية الصالحة ، مادية وروحية : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (٤٢ : ٢٠) ، وحرث الآخرة هو الإيمان والعمل الصالح المعبر عنهما ب «الدين» (١) وهو الحياة الإيمانية المحلقة على حسنة الدنيا والآخرة ، فمهما شمل «الحرث» هنا الزرع (٢) ، ولكنه ليس ليختص به.
ثم ومن الحرث النساء : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٣ : ٢٢٣) ، ومن إهلاكهن هو إهلاك الأنثوية الصالحة لهن بدعارة وتخلّف جنسي ، ام نشوز جماعي ، ولا سيما في حقل الزوجية وبالنسبة للناشئة الوليدة ، والنسل هو الذرية المنتسلة ، وإهلاك النسل يعم «الناس» (٣) ككل فإنهم متنسلون عن الأبوين الأولين ومن بعدهما من الآباء ، فهو ـ إذا ـ إبادة الناس بحرب وسواها.
وكذلك ذرية الناس إجهاضا للأجنة ، أم قتلا لهم بعد الولادة صغارا وكبارا ، ثم وإفسادا للنسل بضروب التخلفات الجنسية لواطا ومساحقة وزنا ، ومن ثم إهلاكا خلقيا وعقائديا للناشئة ، هذا وقد يشمل النسل الصالح لسائر الحيوان ، حيث النسل هنا لم يختص بنسل الإنسان ، فقد انتظمت الآية أصول الإفساد في الأرض بثالوثها : عقائديا واقتصاديا وأنفسيا ، في كل أبعاد الفساد (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٠٤ عن المجمع وروي عن الصادق (عليه السّلام) ان الحرث هنا الدين.
(٢) المصدر عن أبي الحسن (عليه السّلام) والحرث الزرع ، وفيه عن الصادقين (عليهما السّلام) والحرث الأرض.
(٣) المصدر عن المجمع عن الصادق (عليه السّلام) «والنسل الناس».