وبئس المصير ، هؤلاء ناس هم في الحق نسناس ، ليست لهم من ميّزات الناس أي نبراس ومتراس ـ ثم :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ٢٠٧.
شراء النفس له درجات أدناها أن يشري نفسه خوفا من النار ، ثم من يشري نفسه طمعا في الجنة ، ف (الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) (٤ : ٧٤) تشملهما حيث الآخرة الصالحة تتبدد بالبعد عن النار ثم إلى الجنة. وقد تختص بالفريق الثاني (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (٩ : ١١١) ، كما وينادى لهم على طول الخط في أخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦١ : ١٢).
فالفريق الأول المتّقون من خوف النار هم العبيد ، والآخرون المتقون رغبة في الجنة هم التجار ، وهنا فرقة ثالثة (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) لا بابتغاء البعد عن النار ، ولا بابتغاء الجنة ، حتى ولا بابتغاء مرضات الله ، ان يجعلها ثمنا لشراءه ، فانما (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) مترفعين عن كل بديل وثمن ، متحررين في شراء أنفسهم كل تجارة وبغية مبادلة ، إلّا غاية واحدة هي (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) حتى لو لم يدخل به الجنة او يدخل به النار ، فانما بغيتهم في شراءهم هي فقط (مَرْضاتِ اللهِ) لا سواها ولا سواه ، وهؤلاء هم أفضل الأحرار.
وأصدق المصداق منهم في المتقين بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله