يفهم منه مراده ، أم خوفة من الانزلاق في تفسيره بالرأي ، وما أشبه ذلك من عوامل إبعاده عن حوزاته ، وإقلاعه عن روضاته ، وهنا يتجلى شكاة الرسول : (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً).
وفي خضمّ الخلافات في كتاب الشرعة ، بادئة من حملتها ومنتهية الى سائر المكلفين (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) وكما وعد الله : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) فالإيمان الصالح غير الدخيل ولا المصلحي التجاري ، إنه أساس الفرقان عند اختلاف الناس في كتاب الهدى ، حملة ومحمولا إليهم (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : من يشاءه الله وهو من يشاء هدى بعد هدى في الفتن الدينية العارمة التي تجعل من العلماء جهالا فضلا عن الجهال إلّا من هدى الله بهداه الصالحة المعبر عنها هنا ب (الَّذِينَ آمَنُوا) ، فلا يخلو أي مكلف في أي عصر او مصر عن هدى ربانية في مثلثها ، فطرية وعقلية ، وعلى ضوئهما هدى شرعية ، مهما كانت شرعة أولي العزم ، أمّا دونها كما كانت بين آدم ونوح (عليهما السّلام).
ففي زمن الفترة الرسولية لا تجد فترة رسالية ، حيث الشريعة السابقة محكّمة فيها مهما صعب الوصول إليها والحصول عليها ، فإن «أفضل الأعمال أحمزها».
وقد تعني (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) فيما عنت أنهم كانوا ضلالا لردح من الزمن ، وقد يكون بين آدم وإدريس (عليهما السّلام) فان إدريس أوّل النبيين وما كان آدم إلّا رسولا ، ومن ثم نوح ومن بعده من أولى العزم وسائر النبيين (١) ، حيث النبوة هي الرفعة فهم ـ إذا ـ اولوا الرفعة والمنزلة بين المرسلين ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٠٨ في تفسير العياشي عن مسعدة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية فقال كان ذلك قبل نوح ، قيل : فعلى هدى كانوا؟ قال : لا كانوا ضلّالا وذلك بانه لما انقرض آدم ـ