والاختلاف في الكتاب : الشرعة ـ أصلا وفرعا ـ قد يكون بغيا وتقصيرا ، وهو المندّد به هنا وفي سواه ، وأخرى قصورا ، ثم القصور قد يكون من مخلّفات التقصير من القاصرين او الذين سبقوهم ، أم هو قصور مطلق مطبق ، ولا يعذر إلّا الآخرون ، ولو روعي الكتاب كأصل في كل فرع وأصل ، لا سيما بتشاور في تفهمه ، لقلت الخلافات في الكتاب.
وإنما تنشأ الاختلافات الكثيرة في الكتاب من عدم الرجوع الى الكتاب كما هو حقه ، وعدم التأمل فيه حقه ، ومن هنا تقبل الفتن على أهل الكتاب ثم لا تزول إلّا بالرجوع الى الكتاب حقه وكما يروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «فإذا أقبلت عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه حبل الله المتين وسببه الأمين لا يعوج فيقام ولا يزيغ فيستتب من جعله خلفه ساقه الى النار ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ..».
والهدى الإلهية للذين آمنوا لما اختلفوا : ـ الذين أوتوه بغيا بينهم ـ ليست إلّا على ضوء الإيمان بالكتاب ، والرجوع اليه كرأس الزاوية في شرعة الله ، والعمل به وتطبيقه ، فهنا يأتيه الهدى الفرقان : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ...).
وقد أمر الله بالوحدة على ضوء كتاب الشرعة وندد بالمختلفين : (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) (٢ : ١٧٦) (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) (٣ : ١٠٥) (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) (١٦ : ٦٤) (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢٧ : ٧٦).
ولقد أخذ حملة القرآن الذين حمّلوه يختلفون فيه لحد أخذوا يبحثون عن تحريفه وصيانته ، وعن حجية ظاهرة أم عدمها ، وعن الإفتاء بنصه او ظاهره إذا خالف شهرة او اجماعا أو روايات ، وإلى أن ألغوه عن بكرته سنادا إلى أنه لا